مصارحة حرة
فضيحة مقاولي الرياضة
اياد الصالحي
عائدون متحسّرون، وجوههم وجِلة من شدّة القلق لما سيواجهونه من وابل النقد
الوطني الحريص لنخبة من إعلاميي الوطن وشريحة واسعة من الجماهير الواعية التي لن
تنطلي عليها بعد اليوم أية تبريرات ساذجة تُقحم ظروف البلاد المزمنة مع ما توفّر
لبعثة الأولمبي من سيولة نقدية يسيلُ لها لُعاب رياضيي جمهورية جزر فيجي المنسيّة
في جنوب المحيط الهادئ والتي لا يتجاوز عدد سكانها مليون نسمة فقط تحدّوا
ميزانيتهم الحرجة وتوّجوا بذهبية الركبي السباعي لأول مرة في تاريخهم. إن ما بذّرته اللجنة الأولمبية من أموال اقتطعتها الحكومة من أفواه الشعب
الصابر على بلوى العصر وما يُقدمه من تضحيات يومية لم يسلم منها حتى الأطفال
الخُدَّج نتيجة الإهمال والتقاعس في المؤسسات كافة، إضافة الى الإرهاب اليومي الذي
تمارسه شلّة ضالة من أعداء الإنسانية، لم تكفِ مليارات الدنانير الضائعة على برامج
تحضيرية بائسة كانت أقرب الى نزهات ترفيهية في تسجيل مشاركة ناجحة لألعاب كرة
القدم والتجديف والجودو والملاكمة واكتفت رئاسة البعثة ببيانات التأسف لما آلت
اليها نتائج الرياضيين من دون تقديم أية توضيحات بشأن عوامل الفشل التي أسهمت في
الخروج المُذِل للبعثة من الدورة بعد سبعة أيام من انطلاقها ، باستثناء الرباع
سلوان جاسم الذي سيتحمّل ثقلاً إضافياً فوق وزن 105كغم غداً الاثنين وهو محاولة رد
الاعتبار للرياضة العراقية التي خذلها مَن كانوا يتفاخرون بسفراتهم المكوكية في
دول أوروبا وأنهم أتمّوا الجاهزية ووفّروا كل ما تتطلبه المشاركة الأولمبية لحصد
ثمار الجهود وإذا بهم يحصدون خيباتهم بعدما أثبتوا أنهم غير كفوئين بتحمل
المسؤولية إدارياً وفنياً وحتى رياضياً
يفترض انهم أقسموا على خدمة العراق بصدقية عالية ولا يخدعوا أنفسهم أولاً برمي
الفشل على حِبال الحظ.
إن التاريخ الأولمبي لن يكتبه المقاولون الجُدد في الرياضة ممن يتصوَّرون
أن المشاركة في أية بطولة أو دورة عبارة عن مغامرة للدخول في منافسة على مشروع
كبير لعلّه يحقق النتائج المُربِحة التي يسعى اليها الجميع بغض النظر عن المبالغ
الضائعة، بينما وقائع الدورات الأولمبية تَفضح هؤلاء، فمن أولى شروطها انك تدخلها
من أجل الظفر بمنجز أما رقم جديد أو ميدالية وكلاهما يستحقان ما يُنفق على الرياضي
من معسكرات ولقاءات ووديات ولوازم كي يبدو جاهزاً ولا يشكو من اية نواقص ، وهذا ما
عملت عليه اللجان الاولمبية في العالم وحققت مرادها بحصيلة من الميداليات والأرقام
التاريخية المهمة لمختلف الألعاب.
إني لأعجب كيف تمرُّ مشاركة منتخب كرة القدم من دون حساب للمدرب الذي تسببت
أخطاؤه الفادحة في كل مباراة وكذلك مساعده الذي تولى المسؤولية امام الدنمارك
بضياع فرصة التأهل؟ ان الحديث عن المستوى المشرّف وقهر البرازيل والعرض الدفاعي
الخلاب والحارس المبهر وكسب كرتنا عناصر جديدة للمستقبل كل ذلك لا يُبرر الفشل
الذريع للملاك التدريبي في انتزاع بطاقة
الدور ربع النهائي بسهولة مثلما بدت المجموعة الاولى من ناحية ضعف منتخبي جنوب
أفريقيا والدنمارك أمام منتخبنا، فعن أي نجاح يتحدث عبدالغني شهد ولم يتمكن من
تنظيم أدواته واختيار البدلاء لهز شباك منافسه الأفريقي مع أنه المدرب الوحيد الذي
تمتع بدلال خاص من اللجنة الاولمبية ما بعد عام 2003 لينعم بمعسكرات تدريبية
ومباريات عالية المستوى يحلم بها مدربون آخرون تصدوا للمهمات الوطنية بربع ما خصص
لشهد أوروبياً!
ونذكّر رئيس لجنة الشباب والرياضة النيابية جاسم محمد جعفر أننا سبق أن
طالبناه في مصارحة سابقة بضرورة أن تأخذ لجنته دورها المسؤول في هكذا إنتكاسة
أولمبية لا يمكن ان تمر بصمت برغم الأهمية الكبيرة التي انبثقت من أجلها لجنته في
مراقبة الرياضة وسن قوانين جديدة لها وتضييف مسؤوليها ممن تحوم حولهم الشكوك
بهدرهم المال العام في مشاركات هزيلة نتيجة تقاعسهم وعدم جديتهم في التعامل مع
الاتحادات المنضوية اليهم لحضِّها على تقديم رياضي واحد يستحق الدعم لتمثيل العراق
، وهي ايام تاريخية بالنسبة للجنة لتؤكد مهنيتها الرصينة وفاعليتها تحت قبة
البرلمان بانها ممثلة شرعية للشعب والرياضيين بصورة خاصة ولن تضعف أمام العلاقات
أو تستمع لمن يُسفّه مشاركتنا في ريو بأنها نتاج البون الشاسع بيننا وبين الدول
المتقدمة في الرياضة، فإذا كان الأمر منطقياً ومؤثراً فعلى لجنة النائب جعفر أن
تسارع لدفع قانون الأولمبية للصدور ليرى النور قريباً وعقد اجتماعات مستفيضة
لإيقاف الهدر في الاموال على اتحادات كسولة تستفيد من الدورة الانتخابية لمدة اربع
سنوات وتعجز عن صناعة بطل اولمبي، وليس هذا فحسب ، بل اصبح من الضروري اليوم أن
يبادر المكتب التنفيذي بكامل اعضائه لتقديم الاعتذار للجمهور ولأسرة الرياضة
لاخفاقهم في تأكيد جدارتهم ومنهم مَن أخفق سابقاً في دورة لندن عام 2012 ، ولا
خيار امامهم سوى الاستعداد لإخلاء مقاعدهم طواعية وفسح المجال لمن يمتلك المقدرة
على تشريف رياضتنا في دورة طوكيو 2020.
أرسلت بواسطة: أدارة الموقع |
|